دولة العدل الإلهي
مستقبل الأمة القادم!
د. يسٓ الكليدار الحسيني الهاشمي،
وقبل كل شيء هي نتاج لحالة التوافق بين النظام المنشود الذي يوحد جماعة أو فئة بشرية، وفق قواعد ملزمة تجعل منها تجمع سياسي، له نظام متفق عليه، وكيان ذو سيادة،
وهذه الجماعة أو الفئة البشرية، تمارس نشاطها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، على نطاق إقليمي وجغرافي محدد,
والنظام السياسي المتفق عليه "الحكومة" هو المسؤول عن ضبط العنصر التنظيمي، ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة.
وهو المسؤول أيضا عن العنصر المعنوي كالسيادة والاستقلال، والحفاظ على استقلال الدولة بدون أي مؤثر او تدخل او هيمنة خارجية،
وبالتالي فإن أركان الدولة وعمادها هي الشعب والإقليم والحكومة والقانون، والعناصر المادية والمعنوية التي بدونها لا تقوم الدولة.
لذلك فان الدولة هي:
منهاج وهوية وفكر وعقيدة وطريق وبنيان مادي ومعنوي و أركان ورجال وتاريخ وانتماء..
أما مقومات بقاءها وازدهارها بعد بناءها... هو إقامة العدل والمساواة بين الخلق!
وإعمار الأرض بالحق، لتحقيق مبدأ الاستخلاف في الأرض!
فهذا هو مبتدأ الأمر وجوهر الغاية التي فرضها الله من علياءه على آدم وذريته عندما استخلفهم في الأرض،
وقدر لهم بعد الاستخلاف ان يكونوا شعوبا وقبائل وينشئوا الدول.
فأن انحرفوا وحادت الدولة بمنهاجها و رجالها وشعبها وبنيانها عن المنهاج الرباني، وساقها الشيطان و جنوده إلى طريق الغواية, سقطت ومضت في طريق الفناء،
فالدول إما أن تؤسس على العدل أو تؤسس على الظلم،
فإن كان العدل ديدنها ومنهاجها وعماد قوتها , فهي باقية بأعمالها وفضائلها إلى أن يشاء الله،
وإن كان أساسها الظلم والطغيان فزوالها حتمي، لانحرافها عن قواعد ومبدأ الاستخلاف!
وكلما كان ظلمها وطغيانها اكبر، كلما عجل الله لها الزوال والفناء!
ولنا في من سبق عبرة،
وبما حدث مع أمم و شعوب قريبة العهد من زماننا أو بعيدة،
وكيف أوردهم الله في المهالك حتى أفناهم الله وطواهم النسيان , بعدما أملى الله لهم، حتى ظنوا بأنهم خالدون في الأرض، وباقون،
ولا يمكن لقوة في الأرض ان تقهرهم او تكسرهم، فجاءهم أمر الله وجرت عليهم سنة الاستبدال بعدما طغوا في الارض بغير الحق، انتهكوا قانون وشروط الاستخلاف!
وكفى بالقرآن دليلا ً وبرهانا,
بسم الله الملك الحق
﴿ ألم تر كيف فعل ربك بعاد، إرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في البلاد، وثمود الذين جابوا الصخر بالواد، وفرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد، فأكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب، إن ربك لبالمرصاد ﴾ الفجر.
بسم الله الملك الحق
﴿ فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون ﴾ فصلت.
بسم الله الملك الحق
﴿ وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير ، قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين ﴾الحج
فكم من دولة وأمة طغت واستكبرت في الأرض بغير الحق، وانحرفت عن منهاج الله القويم، وحاربت العقل والدين والفطرة، فتهاوت في الضياع إلى قاع الزوال!
وبمقابل ذلك فأن دولة العدل كلما زاد عدلها أمدها الله بالعزة والقوة وأمد في بقاؤها،
وهنا لا بد من الأشارة والتأكيد بما هو حق، والذي لا حق غيره،
بان رأس العدل: الاستقامة على منهاج الله الحق وتحكيم شريعته وما جاء في محكم التنزيل.
بعيداً عن كل اراجيز أتباع الشيطان في زماننا،
حكام وملوك و منظرّين و متفيقهين، وأبناء للأفاعي من كهنوت الشيطان،
الذين ساقوا شعوب الأمة وشعوب العالم اجمع يهودا ونصارى ومسلمين وغيرهم من الملل، ساقوهم إلى مهاوي الردى وجروهم الى طريق الغواية بعيدا عن ما أراد الله!
فصاروا أعوانا ووزراء للشيطان ورهطه،
بعدما زيفوا الشريعة وأعانوا الطغاة الظلمة، و زينوا لهم سوء إعمالهم ومجدوا طغيانهم في الارض، وزعموا للناس، بان هؤلاء الطغاة على الحق، وان منهاجهم و طريقهم هو مشيئة الرب!
وهذا ما يجري واقعا في كل هذه الدول والكيانات التي تشكلت و تطاولت في زماننا ,,
شرق وغربا وشمالا وجنوبا،
فلم يبقى ركن من اركان الارض إلا وقد ملأءوه كفرا وطغياناً وبغياً وفسادا!
والرزية كل الرزية ان يكون في مقدمة هؤلاء، شعوبا وحكاما ً ودولاً،
تزعم العروبة والإسلام، واتباع منهاج الله القويم!
ولكنها في حقيقتها كانت ولا زالت دول بنيت للفساد والإفساد في الأرض، وتعطيل ومخالفة مبدأ الاستخلاف في الأرض والحرب على شريعة الله,
وإرتقاء للطغاة البغاء المفسدين في الارض، على رقاب الضعفاء، واستلاب حقوق العباد، شعوبا ً وافراداً وجماعات!
ولقد تمادى هؤلاء الطغاة ودول الظلم في ظلمهم وطغيانهم و فجورهم،
وان من سنن الله في ارضه، عندما تنحرف الأمم والشعوب والدول عن جادة الحق، ويضيعوا بوصلة طريق الله القويم، ويعطلوا مبدا الإستخلاف في الارض ويخسروا ميزان الحق والعدل ،
فان تحقق سنة الإستبدال في الأرض، يقين واقع لا محالة،
واليقين بقدوم دولة العدل الإلهي هو الأكبر.
بسم الله الملك الحق
﴿ إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين، كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز﴾ المجادلة.
بسم الله الملك الحق
﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون، وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون، لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير﴾ النور.
لذلك فان دولة العدل والصلاح والإتباع لمنهاج الله الحق ,
هي من ستأتي للأمة في قادم الأيام ,,
بعد كل هذه القرون من الأمواج العاتية و الانحراف والضياع والظلم والطغيان الذي غرقت بها الأمة والإبتعاد عن منهاج الله القويم وتعطيل مبدا الاستخلاف في الأرض .
وبعد ما ساقها أتباع الشيطان "من أعداء الأمة ومن طغاة هذا الزمان" الى مهاوي الردى..
وربما يسال السائل متى هو ؟
قل أي وربي انه آت طال الزمان أم قصر ...
ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ...
بسم الله الملك الحق
﴿ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون، إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ الانبياء.
والارض هنا: هي هذه الأرض التي نعيش عليها والتي سيرثها عباد الله الصالحين من هذه الأمة.
بسم الله الملك الحق
﴿وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها﴾ الأعراف.
فدولة الحق والعدل والمنهاج الرباني القويم قادمة ..
وكلما أزداد ظلام الليل وامسى حالكاً كما نراه اليوم في زماننا،
حين امست امتنا آخرالامم وتتقاذفها بقية الأمم،
وطغاة الارض يقضون في مصيرها وشريعتها وثرواتها ووجودها وهويتها ودماء ابناءها,
و يرسمون لها ولأبناءها المسار الواجب عليهم اتباعه!
حتى أمست الأمة وأبناءها وشعوبها ودولها في اسوء ايام من تاريخها، مسلوبة الارادة ومهدورة الدم!
وبما وكيفما يقُرر لها من قوى الطغيان في الأرض!
بعدما كانت منارا ً للإيمان والنور والعلم والقوة، اهتدت به كل الأمم الى طريق الصلاح والخير والعلم والمنهاج القويم..
لذلك ..فكلما زاد طغيان الطغاة زاد اليقين بزوالهم ,
وكلما زاد ظلام الليل زاد اليقين بان نور الفجر آت عما قريب..
وسيبيد الله الملك الحق أشرار الارض,
وسيرث الصادقون واهل الصلاح والتوكل على الله مشارق الأرض ومغاربها،
لتقوم دولة العدل الإلهي ...
ولن يبقى للشيطان ورهطه ووكلاءه و وزراءه وأتباعه طغاة الأرض من باقية.
بسم الله الملك الحق
﴿ ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم﴾ الانفال.